شهر فبراير - دمية .

عجن – للكاتبة / دمية
أنت َ سيء ٌ جِدَّاً, رديء ٌ كـ خِرْقة ٍ بَالِية, يستخدمها ابن الحُوذِي ّ لـ يمسح حِذاءك الجِلْديّ اللامع, في لحظة ٍ جُبْن ٍ تهم ّ فيها بـ اللحاق بـ القِطَار المُغَادِر, ولكن العُلبة بين يدي ّ الصبيّ, تُغريكَ بـ البَقَاء مِن ْ أجل ِ قدمك الفَاسِدَة, أنت ِ أيْضا ً عَطِنَة, سَنَاجِب ُ الحديقة الإنجليزيّة تقرض ُ أظافرك ِ العَفِنَة, تُبْصقها على وَجْهك ِ لأنّك ِ شَددّت ِ ذَيلها عند الشَجَرَة, أنا أكثر ُ تَلَفَا ً مِنْ الجميع, لأنني كثيراً ما أنصبت ُ سَبَّابتي وإبْهَامِي, قبضت ُ أصابعي الثَلاثة إلى بعضها, كـ مُسدّس ٍ أتمنَّى فيها تَرقيط جِلْدٍ مَشْدُود, لأنني رفعتُ يديّ إلى عُنقي مِراراً كَيْ أخنقني, ولكنّ أناملي تَبْهتُ سريعاً فـ تَتَرَاخَى إلى الأرض, وأُطرِقُ بـ الخُيوطِ نحو عتمةٍ حَالِكَة, كَرّرتُ مُحَاولات عَقْدِ رسغيّ بـ الحَبْل لـ شَنق ِ يدي, وأتبعتها بـ سِلْسِلةٍ حَوْل كاحِلي, فـ تموت قدمي, ولكنِّي لازلتُ أكتب, أتعثّرُ بـ العُشبِ, أتناول لَوْح التزلّج, لـ أنحدر مِنْ أعْلَى التَلِّ . أنتَ جريدةٌ جِدَّاً, بـ أبيضك وأسْوَدك, والعناوين الضَخْمَة في فمك, بذلتك التي تَرْتديها أمام كأس الحِبر, وبصمة إبهامك في جبينٍ أجْرَد, وأنتِ المَجلَّة السُوقيّة بـ غِلافِهَا الفَاحِش في غُرفِ المُراهقين, وأنا, الوَرَقَة الرَاحِلَة في الريح, مَخْطوطة بـ الإتجاهات والوِجْهاتِ المَجْهُولة, طُمِسَت بـ لُغةٍ فينيقيّة . أنتَ بليدٌ جِدَّاً, قُبعّتكَ التي تَبْحث عَنْها – فَوْقَ رأسك, انْسَى ذقنك قليلاً, أوْ حَتّى تعليق خَلايا النَحْلِ على عينيك, إنّكَ لَمْ تُصغِ إلى حِكَايتي, قِصّة الفَتَاة النحيلة, التي تُرَافق الدُبّ يوميَّاً إلى النهرِ, لـ يقطف أسْمَاكه, أنتِ الأُخْرَى غبيّةٌ جِدَّا ً, لأنّكِ تُثرثرين بـ طُهْرِكِ, وعَنْ بِناءك لـ محرابِ زكريّا عند سِلالِ التمر, وأنا, الأرْبَدُ حين تَنْفخ, تَدْهسُ فَخَّاً في غَابِة, لـ يسحبها الحَبلُ عَالِياً, وَرْطةٌ بين غُصنين مَعْطوبيْن . أنتَ دميمٌ جِدَّاً في صَوتك، فـ الطُرق الطويلة تتجنبّك في سَفَرِك لأنّك لا تُحْسِنُ الغِنَاء, بَكَى القصرُ القديم حين عبرتهُ, لا حَفْلاتٍ مَلَكيّة, ولا راقصاتٍ مِنْ اللوحاتِ نَازِفاتِ, وأنتِ تنعقين بين الرِيش المُلوَّن, الألوان التي تَطَايرتْ لاحِقاً إلى طُيورٍ وعَصَافير, وبقيت ِ وحدكِ, تميلين رأسكِ إلى الخَيْبة كـ بُومةٍ في بندولِ سَاعَة, وَ تِكْ تِكْ تِكْ تِكْ – وأنا الطنينُ العَابِث, أُطبقُ بـ أسناني, أُصرُّ الأزيز حَتّى ينقطع . أنتَ مُحْتالٌ جِدَّاً, تُقَامِرُ في المَجَالِس والحَانات, تُراهنُ على مقعدٍ بـ سَاقٍ واحِدة, وعَلَى مِصْباحِ عَلاء الدين, تدعكَ الغُبَارَ جَيَّداً كَيْ تفوز, وأنتِ أفَّاكةٌ, مُزيّفةٌ كـ نبوءات الطَالِع, بـ أصابعكِ التي تبردينها بـ المَسَامير, تمصّين الأصفاد, تٌمرّرين لسانكِ على المفاتيح, لـ أبوابٍ بلا أقفال, وأنا الغَشَّاشَة المُخَادِعَة, أدسّ مُكعبّات النرد في الفَرَاغ, وأُتمتمُ : "خَوَى!", أنتَ وَحْلٌ بشريّ , أنتِ إنسانٌ عَكِر, وأنا المُلْتصقةُ بـ الجِدَار, المقلوبةِ مِنْ الأرضِ إلى الأرض, قريباً مِنْ جَرَّةِ عَطَشٍ – شُجَّ جنبها في القاعِ – أمام أطباقِ الفَخَّار, أُقشّر الطَفَل مِنْ على كتفيّ . . فَاحَ الطِينُ كثيراً, اتركوني أُجْبِلُ المَاء والتُراب : تِمثالاً مِنْ عَجَل ْ .

ليست هناك تعليقات: