شهر يوليو - فنجان قهوة .

( لعبة ما ) – للكاتبة / فنجان قهوة

حمام أبيض كثيف كسحابة مبعثرة .. طريق ضيق .. و أشباح أطفال تزاحم الحمام على الوصول للسماء
للأطفال طريقة الحمام فى الطيران .. كل يعرف ذلك عدا الحمام نفسه .. فهو لم ير جناحات هؤلاء الصغار من قبل حتى يدرك ذلك .. الحمام عقله صغير و لا يحوى الكثير .. عنده الطيور لها مناقير و ريش .. و الطير بالأجنحة
.........................
أن تفكر أثناء الحلم أنك تحلم .. أن تفكر بالحلم نفسه على أنه حلم .. ليس هنالك عذاب أكثر
فالحلم جناجان .. أن تمتلك الجناحين دون أن تطير .. و تجلس فى ركنك الدائم .. تضم جناحيك خلفك .. تربع يديك و قدميك و تحلم أنك تطير دون أن تتحرك من ذلك الركن .. إنها بالفعل مادة العذاب الخام
فإن كان لابد لك من جناحين .. فليذهب ذلك الوعي إلى الجحيم المطلق
............................
هي تعلم القواعد جيداً حين تلعب .. من قال أنها لا تعلم ؟؟ .. هل شكلها يوحى بالطيبة الغبية ؟؟ .. هل تبعث في الصدور سذاجة مطلقة ؟؟
لا شئ يمنع أن تجتمع الطيبة و السذاجة بالمعرفة .. فقط كل له طريقته في التلقي و الصياغة العقلية التي سوف يحفظ بها المفردات في ذاكرته ليستخدمها وقتما يحتاجها .. يكفى أنها قالت أنها تعرف القواعد .. فلم كان يخاف كل من قرر يوماً اللعب معها أن يكمل اللعب ؟؟
كانت تنتقى أطفالاً يشبهونها .. أو هكذا كانت تراهم .. فللعين أحكام ليست لها علاقة بالمنطق .. قد نرى أشياءً و ندركها حسبما نرى و هي قد تكون غير موجودة بالأساس .. فالعين تصنع أثواباً وهمية .. و تلبس من تشاء باللون الذي تشاء .
طفلة زرقاء كانت .. ترى أطفالاً زرق فتقرر اللعب معهم على الفور .. كانت تخشى الألوان الأخرى .. و لا تهتم كثيراً إن كانت لهم أجنحة مثلها أم لا .. يكفيها أن لها جناحين كبيرين .. ستأخذ من تشاء منهم حين تريد من يؤنسها في الحلم .. تعلم أن جناحاها قويان و مطيعان و يستطيعان حمل الكثير .. هل هنالك ما يدعوها للخوف إذن ؟؟ .. هل هنالك ما يدعو لخوف أي إنسان ؟؟
.......................
لم تكن تعرف أن الأطفال الزرق كثيرون لذلك الحد .. لم تكن تعرف أنها ستضطر لحمل الكثير معها .. كانت تخشى أن تنسى أى طفل أزرق على وجه الأرض حين همت بالحلم .. لكنها حين صعدت للسماء تثاقلت على جناحيها الحمول .. و هي كانت تظن أن لبعضهم جناحات و لا ينقصه سوى أن يتجرأ على السماء .. و ليس عليها سوى أن تحمله و تطلقه .
و حين تفتت .. أصبحت كالسحابة المبعثرة .. كانت كل قطعة منها حمامة تحمل طفلاً أزرق بقدميها .. لم تقو الحمامات على حمل الأطفال كثيراً و خاصة أنهم أصبحوا يثيرون الشغب فى السماء .. يركلون الهواء برعونة شديدة و يتملصون من مخالب الحمام الرقيقة التي تحملهم .. يصرخون بصخب مزعج .. يفزعون الملائكة .. و حين نزل بهم الحمام على الأرض .. كان عليه أن يطير ثانية بعيداً
....................
سحابة مبعثرة .. طريق ضيق يملأه الغبار التي خلفته خطوات عبثية .. و أشباح أطفال سوداء تنبعث من أقدامهم رائحة تراب الأرض حين يختلط بالدماء
....................
من قال أنها تعلم ؟؟

ليست هناك تعليقات: