شهر مارس - زيتونة شرقية .

( مملكةُ الضائعين ) - للكاتبة / زيتونة شرقية
الانسِحَاقُ الأخيرُ أمامَ سطوةِ الأب.
.....
لَهُ نفسُ اليدينِ، و نفسُ الرَّائِحَةِ .
.....
الموتُ الأخيرُ للأب : غُرُفَاتٌ مُغلَقَةٌ، و مناحيَ مَسحُورَةٌ لِمَرةٍ أخيرةٍ أستَسلِمُ طَوَاعِيَةً .
..........
أبٌ، و معشوقُ، و إِلَهٌ أَرضِيٌّ.نَحرتُ بينَ يَديهِ آخرَ قرابِينِي، و اغتَسَلتُ بالدِّماءِ لأتطَهرَ. بَعدَها لَمْ يَعُدْ إلَهَاً.لَمْ يَعُدْ لَديَّ قَرابينَ، وَلَمْ أعد وَثَنِيةً.
......
الموتُ الأخيرُ للأب. الأبُ / الوهمُ كَادَ يَتسلَّلُ ليغتصبَ رُوحِي، ليفرضَ سطوَتَهُ على أنحاءِ جَسدِي
كادَ يزرَعُ بِي بُذُورَ خُلُودِهِ و أوهَامَ ألُوهِيَّتِهِ.
طيفٌ مُهيمِنٌ لذِكْرَى أبَدِيَّةٍ: ميلادُ الْخُلُودْ
......
الأبُ مَارِدٌ بَاسِطٌ ردَائَهُ. يخرجُ من تحتِهِ الصِّغارُ يستمِرُّ كَمَارِدٍ، و ينسَحِقُ الصِّغار.
.....
امرأةٌ أنا
......
مبتَغَى صانعةُ الصِّغَار.
......
لماذا هَربتُ ؟ لَن يَستَطيعَ أن يَختَرِقَ رُوحي، و يَتسَلَّلَ لإرادَتي،و يَحكُمَ خيوطَ أقدَارِي .
وداعاً، و محبةً، للأب
......
وَداعَاً.لَم تَعُدْ تَملِكُ شيئاً مِن طُفُولَتِي، و حَاضِري، و أيامي الآتية.لَمْ تعُدْ هَنالِكَ أركَانٌ مُظلِمَةٌ من النفسِ تعبثُ فيها، ولا أعناقَ خَاضِعَةً. ولا عَبثياتٌ مُعاصِرَةٌ تَلعبُ فيها دورَ الملكِ تاراً، و المهرجِ تارةً أخرى.
لَقد ذَهبتْ عَنكَ كُلُّ الهالاتِ السِّحريةِ التى تراكمتْ منذُ طُفولَتِي.
.........
كَمْ مَرَّةً يَتحتَّمُ عَليَّ قَتلَكَ لترحَل؟
شبحٌ أنتَ – بالأمسِ قَدَّمتُ آخرَ قرابيني، و سَلَّطتُ عليكَ الضوءَ لِتَمُوتَ.
ألَم يكن أجدَى أن تأخُذَنِي بيدِكَ لتعبرَ بي النهرَ، ثُمَّ تُلقِي عَليَّ نظرةً حَانيةً،و ترحلُ في سَلامْ وَ تبقَى طيفُ عَطفٍ و رَحمَةٍ يُظَلِّلُنِي كَغَيامْ لماذا صِرتَ شَبَحَاً تُعربِدُ فِي حَياتِي، وَ تُسَمِّمُ خَيالي، و يتحتَّمُ عَليَّ قَتلَكَ مراتٍ عَديدةً لِتَمُوتَ؟
لماذا ؟
..............
و دَاعاً لكُلِّ الآباءِ الميتينَ، و أطيَافَهُمْ فِي الطُّرقَاتْ.
لَعَلَّكُم لا تُدرِكُونَ فَداحةَ مَا فَعلتُمْ.
لَم تَترُكُونِي أَنَا وَحدِي،بَلْ تَركتُم كُلَّ الصِّغَارِ، و الفتياتِ، و الآباءِ المستقبليينَ.
لَقد تَركتُونَا بِلا أَبٍ، بِلا رَبٍّ.
و صِرتُمْ كَأردِيةٍ مُمَزَّقَةٍ،
صِرتُمْ كَرُسُلٍ بِلا رِسَالَةٍ،
كَمَعَابِدَ بِلا آلِهَةٍ.

ليست هناك تعليقات: