شهر أبريل - hilal .

مفكرتي العزيزة - للكاتب / hilal
تحدثتُ مع فأر الحمام البارحة. كان جوعاناً قبل أن يبدأ بالكلام عن عائلته. أطعمتـُه ما بقي من شطيرة الجبنة التي كنتُ ألتهمها. وقف على قدمين وهو يأكل شريحة الجبنة الصفراء. بدا لي كصبي صغير لم ينهِ دراستُه بعد. ابتسمت.قلتُ له أني قضيتُ زمناً لا بأس به أقرأ آنا كارينينا. والفترة الأطول كانت تلك التي قضيتُها قارئةً للقسم الأخير. أعرف خاتمة آنا. تحت القطار ماتت. أعرف وأماطل الوصول إلى الصفحة الأخيرة. أوهم نفسي بأنني أشبهها؟ ربما.
لم يعقِّب الفأر.
قلت له: لديّ صور أكثرها رقمي موجودة في ثنايا كمبيوتري الأسود. أفكر جديّاً بطبعها. سأطبع صور هذه المدينة لما أعود. لكل مكان أدعسه حكاية مصورة. حلوى مطبوخة أو مصنَّعة وإشارات سير وحيوانات وطبيعة خضراء أو ثلجية ومفرقعات. كل ذلك سيعود ليُخلَق أمامي كلما نظرْتُ.
أكره مدينتي الحالية. أمقت الروتين النهاري الذي بدأتُ اعتياده. لولا الحمّام. لولا فأر الحمّام، لساءت الأمور أكثر. لكني أعرف أني سأعود لأحب هذا المكان ما إن أتركه. الأمكنة تُحَبُّ أكثر لمّا نبتعد عنها، ربما لأننا نجمّلها أكثر فترةَ الغياب.والفراشات؟ الفراشات الجميلة تدفع نفسها نحو الموت احتراقاً. هذا معروف، قال لي الفأر. معروف، لكن هل تفهم لم تفعل الفراشات ذلك، سألتُه. لم يجب الفأر. دخلتُ معه في شرح علمي. لم يبدُ لي مهتماً. دخل مسرعاً إلى جحره أسفل الجدار لما خرج ذلك الصيني من الحمام وسألني إن كنتُ أريد منه شيئاً. أومأتُ له بالنفي، وأنا ألحظ اعوجاج صف أسنانه الأمامية. فكّرتُ عندها بالتقاط صورة لفراشة بجناحين ملوَّنين مبهرَيْن.
حدثني فأر الحمام البارحة. غداً، أتحدَّث مع عنكبوت السقف الصغير وأسميه "سبايدي". سيخبرني بدوره قصة أخرى، وسألفت نظره إلى حبي لشرائح الباذنجان المقلية.
سأقول له أن أحدهم الآن في المقلب الآخر من الكرة الأرضية يكتب عن فتاة امتهنَت في صغرها خربشةَ الرسومات على أنحاء جسدها، بقلم البيك الأزرق.
وسيفهم، ويقول في ذهنه (نعم سبايدي يملك ذهناً). سيقول في ذهنه: حرامٌ هذه "الصغيرة".
يقصدني. مهضوم سبايدي. قلبه أبيض.
يظن أني لا أسمعه. سأدعه يظن ذلك، وأضحك وأربت له على جسده مآخاةً.
وسنكتشف سويةً خلال حديثنا أننا نكره الصراصير.
العالم صغير فعلاً، ويتسّع للاهتمامات والهوايات المشتركة.
لكن الكلام يوهم. كذلك الكتابة. لا النصوص المكتوبة أو الحوارات المنطوقة تعكس أصحابها تماماً.
عليَّ أن أتعلّم هذه الحقيقة لئلا أقع في الوهم.
طيب. أحتاج الآن أن أتقوقع تحت دوش مياه ساخنة وأن أصمت.
نتكلّم لاحقاً.

ليست هناك تعليقات: