شهر يونيو - هديل الحضيف .

(مختارات من مدونة باب الجنة ) - للكاتبة الراحلة / هديل الحضيف
توطئة :
في هذا العدد لهذا الشهر من سلسلة مختارات ( الإبداع في الفضاء السايبروني ) اخترنا مشاركة رقم واحد للمدونة السعودية الكاتبة (هديل الحضيف) التي رحلت عنا الشهر الماضي بتاريخ 16-5-2008 بعد غيبوبة مفاجأة ، أربكت ذويها وأصدقاءها في التدوين ومتابعيها عبر المنتديات ، ليخطفها الموت عن عمر 25 سنة . حيث كانت ناشطة ثقافية متميزة وذات حضور إبداعي واعٍ وجميل . رحلت لتترك وراءها مدونة مفتوحة لكل العالم بعنوان (باب الجنة) . رحمها الله وتقبلها في جنته "حمامة إبداع خالدة" .
.
.

المختارات

.
.

- أ -
ربما عني..
حكت الحمامة.. فكنتُ أنا!!

أستطيع أن أسرد تاريخاً طويلاً، كنتُ فيه أنا البطل - البطل ليس سعيداً دائماً بالمناسبة!- كما يمكنني أن أفتش في الأعوام العديدة التي كنتها.. ولا أجدني .. لا أجد صوتاً .. لا رائحة .. ولا أثر .. وفي كلتا الحالتين.. لكم أن لا تصدقوني!
حسناً.. لأكن أكثر دقة، من أجلكم.. اسمي: هديل.. ولدتُ في ليلة من شهر أبريل 1983 .. كانت صرختي إيذاناً لرجل أن يكون أباً للمرة الأولى، ولأم أن تنجب من بعدي سبعة أخوة..
تنازعت طفولتي مدناً كثيرة، أكثر من أن أذكرها، وأكثر من أن تكون الصور الفوتوغرافية -الكثيرة هي الأخرى- أمينة بتوثيقها جميعاً، إلى أن عادت بي الدروب إلى الرياض، فلم أغادرها أبداً بعد 1992. هنا تنتهي حقبة.. لتبدأ أخرى كانت قاحلة تماماً من الذاكرة.. من الصور.. من كل ما يستحق أن يُذكر.. ربما يبرر ذلك أني لا أحب فترة مراهقتي، أو ربما كان الأخير مبرراً للأول!

الآن أتساءل:
هل حقاً هناك من يأبه بكل تلك الحياة التي تسردينها؟

ربما سيكون هناك من يأبه بأني بدأتُ عمري الافتراضي من عام 2001، وتسكعت في أماكن كثيرة، بعضها غار في النسيان، وأخرى ما عادت أوطاناً تستحق البقاء.. أول بريد ملكته كان في صناديق نسيج، وسيكون من الغريب أن أعترف بأن أول منتدى سجلتُ به كان منتدى الزعيم الهلالي! قبل أن تلم شتاتي جسد الثقافة لوقت طويل، ويكون لها الفضل في أن ألتقي بأصدقاء جميلين جداً، وروح وارفة جداً.. وعمر مليء بالانتصارات والخيبات أيضاً.. إلى أن غدا المكان غريباً.. وكان لا بد لي من هجرة.. لأمتهن رحيلاً مستمراً..

الآن وأنا أكتب من هذه النافذة الخاصة بي .. النافذة الأولى التي أملكها تماماً في هذا الفضاء.. أشعر بأن أوان السفر آن له أن ينتهي.. وآن لي أن أستريح بعد أن وصلتُ شيخوخة عمري الافتراضي!

هنا عتباتي للسماء!!
.
.
.
- ب-

هدهدوا نومهم
11 May 2006

لا توقظوا هذا الليل، دعوه ينام وسط الظلام، وحيكوا حوله وعليه قصصا مرعبة كي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه .
*
لا توقظوا هذا البكاء.. لم ينم منذ ستة أسابيع، و ما مات بعد، هو فقط أنهكه الدمع ويريد أن يستريح قليلا قبل أن يستأنف تيهه.
*
لا توقظوا هذا الموت، فقد تجرعت منه ما يكفي لأن أُبعث ثانية بأقل دهشة من الحياة..
*
لا توقظوا الذاكرة، دعوها تنام، ففيها ما يتسع لهاوية لا قرار لها !!

ليست هناك تعليقات: